يخرج الشاعر الفحل، المفوه، ذو الصوت الجهوري، على الناس - كل فترة من الزمن- بقصيدة جديدة الألفاظ، خشبية المعنى. يبدأها بمدح سيده ومولاه، مدحاً يخليه من أي منقصة، ويذكر صولاته، وكرمه، وبطولاته الجامحة الخيالية، ويثني بمدح عائلته، وأقربائه، وخدمه، ولا ينسى عبيده. ثم يعبر عن امتنان البشرية لوجود الممدوح بينهم – أقصد/يقصد – فوقهم.
ومن ثم يعرج على أخصام الممدوح ويشنع عليهم ويقذي لهم السباب وينعتهم بالخسة والإجرام وكل فضائع الحوادث منذ بدء الخليقة.
وقد يذكر لنفسه حاجة يخفيها. ثم يختم ببيت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وينبري من ينبري لإشهار القصيدة "يتيمية الدهر"، ولإطلاع من فاته استماعها من فم الشاعر بسبب غفلته أو شاغل من الشواغل. ويتحدث بها الرعاة والأغنام،
ويتأمل المتأملون في معانيها وحكمها الظاهرة والباطنة، ويبحثون عن بيت القصيد الخفي ولا يجدونه، ويهرع منهم حركي إلى الفحل الشاعر لعله يوضح، وما ثمة توضيح فالمعنى في بطنه، ثم تتقادم هذه القصيدة شيئاً فشيئاً حتى تضمحل.
...وقبل فترة ...فترة انتهت قناة أبو ظبي..الشقيقة...من تقديم برنامج أعادها...إلى الواجهة ..ألا وهو برنامج شاعر المليون...هنيئا لنا بكل هؤلاء الفحول...هنيئا لنا بالقصيدة الرسالة..
وهاهو البرنامج الذي أعاد "تركيبة الشعر" يعود هذا العام من جديد
هنيئاً لنا بالمداحين "الشحاذين"
وأخيرا يقول أحمد مطر:
فكرت بأن أكتب شعراً
لا يهدر وقت الرقباء
لا يتعب قلب الخلفاء
لا تخشى من أن تنشره
كل وكالات الأنباء
ويكون بلا أدنى خوف
في حوزة كل القراء
هيأت لذلك أقلامي
ووضعت الأوراق أمامي
وحشدت جميع الآراء
ثم.. بكل رباطة جأش
أودعت الصفحة إمضائي
وتركت الصفحة بيضاء!
راجعت النص بإمعان
فبدت لي عدة أخطاء
قمت بحك بياض الصفحة..
واستغنيت عن الإمضاء!
وآخرا يقول نزار....:
.... ولَدَيْنَا
يُولَدُ الشاعرُ في كيس غُبَارْ
ويُغَنّي لمُلُوكٍ مِنْ غُبَارٍ
وخيولٍ مِنْ غُبَارٍ
وسُيُوفٍ مِنْ غُبَارٍ.
إِنَّها مُعْجِزةٌ ..
أَنْ يصْنَعَ الشِعْرُ من الليلِ نَهَارْ
إِنَّها مُعْجِزَةٌ ..
أَنْ نَزْرَعَ الأَزْهارَ ،
ما بينَ حِصَارٍ ، وحِصَارْ ..
وأزعم أنه لم تحدث معجزة....في هذا السياق....بل ولم يعد يحتاج الشعر إلى الرقيب، فقد مات الشعر..الرسالة........ومع –عدم احترامي- لكل المدائح، إلا أن المتنبي قد مات وما ترك لمن بعده شيئا ...في هذا السياق.
وفي موضوع ذي صلة...بلغ الأمر بأحد الأصحاب ...أن غير المحطة...وكان الريال...يلعب....نعم كان ريال مدريد يلعب مباراة...ليتابع شاعره المفضل..المفضل..ذو الصوت الجهوري...وكدت أقتله..لولا هدف أنساني كل هذا الغثاء ...كل هذا الغثاء.
ما كتب أعلاه وجهة نظر شخصية...